بسم الله الرحمن الرحيم
السرحان والتفكير في أمور الدنيا مشكله لا يكاد ينجو منها احد حتى أن البعض قد ينقطع عن الصلاة بسببها ولا شك أن التركيز في الصلاة من أهم أركانها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أول مايحاسب به العبد صلاته فإن كان أكملها وإلا قال الله عز وجل انظروا لعبدي من تطوع فإن وجد له تطوع قال أكملوا به الفريضة)– سنن النسائي.
وفي مسند أحمد، (أول مايحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن أتمها كتبت له تامة وإن لم يكن أتمها قال انظروا تجدون لعبدي من تطوع فأكملوا ما ضيع من فريضته ثم الزكاة ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك).
ويقول صلى الله عليه وسلم(إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع الأذان فإذا قضي الأذان أقبل فإذا ثوب بها أدبر فإذا قضي التثويب أقبل يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى فإذا لم يدر أحدكم كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس)- صحيح مسلم (المساجد ومواضع الصلاة).
ولعلاج مشكله السرحان في الصلاة يجب تهيئه النفس قبل الصلاة بتخصيص دقيقه واحده لتدبر عده أمور:
أولا: استحضار هيبة الله تعالى
قبل أن تؤدي الصلاة هل فكرت يوماً وأنت تسمع الآذان بأن جبار السماوات والأرض يدعوك للقائه في الصلاة .
وأنت تتوضأ بأنك تستعد لمقابلة ملك الملوك .
وأنت تتجه إلى المسجد بأنك تجيب دعوة العظيم ذي العرش المجيد .
وأنت تكبر تكبيرة الإحرام بأنك ستدخل في مناجاة ربك السميع العليم .
وأنت تؤدي حركات الصلاة بأن هناك الأعداد التي لايعلمها إلا الله من الملائكة راكعون وآخرون ساجدون منذ آلاف السنين حتى أضيئت السماء بهم.
أنت تسجد بأن أعظم وأجمل مكان يكون فيه الإنسان هو أن يكون قريباً من ربه الواحد الأحد.
وأنت تسلم في آخر الصلاة بأنك تتحرق شوقاً للقائك القادم مع الرحمن الرحيم .
الشوق إلى الله ولقائه نسيم يهب على القلب ليذهب وهج الدنيا .
المستأنس بالله جنته في صدره وبستانه في قلبه ونزهته في رضى ربه .
أرق القلوب قلب يخشى الله وأعذب الكلام ذكر الله وأطهر حب الحب في الله.
ثانيا:- يجب عقد النية
والتصميم على التركيز في الصلاة ليتقبلها الله سبحانه وتعالى والاستعاذة
من الشيطان ولقد شكا رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال يا رسول الله حال الشيطان بيني وبين صلاتي وبين قراءتي قال ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أنت حسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا قال ففعلت ذاك فأذهبه الله عز وجل عني)- مسند أحمد، مسند الشاميين.
وهناك عده نقاط يجب مراعاتهاأثناء الصلاة لان الهدف من الصلاة ومن كل العبادات هو إصلاح القلب .
ثالثا :- أننا في حديث مع
الله فيجب ألا تؤدى الصلاة كمجرد مهمه، فعندما تقرأ سورة الفاتحة في
الصلاة تشعر بأنك في حوار خاص بينك وبين خالقك ذي القوة المتين .فالصلاة مقسومة بينك وبين الله عز وجل .
رابعا :- استحضار المعنى بإشراك القلب والعقل مع اللسان في تدبر كلكلمه
والإحساس بها وبمعناها قال الله تعالى (والذين هم في صلاتهم خاشعون) -
سوره المؤمنون، أيه 12، ويساعد عليه النظر إلى موقع السجود أو بين
القدمين.
خامسا:- عدم النظر إلى السماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما بالأقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم قال فاشتد في ذلكحتى قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم)- مسند أحمد، باقي مسند المكثرين.
سادسا :- عدم الالتفات، فان الاختلاس يختلسه الشيطان من صلاه العبد فإذا صليتم فلا تلتفتوا، كقول رسول الله عليه الصلاة والسلام (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه)- سنن أبي داود، الصلاة.
سابعا:- عدم التثاؤب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان)- صحيح البخاري، الآداب.
ثامنا : - عدم التشكك لا يتشكك من أي هاجس فإذا تشكك من أي شيء كصحة وضوءه أو عدد الركعات استعاذ بالله من الشيطان وأكمل صلاته.
تاسعا :- عدم القراءة سرا وأيضا عدم رفع الصوت عاليا فيجب أن يسمع نفسه فقط لقوله تعالى في سوره الإسراء، أيه 110 (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا).
عاشرا :- إتقان الصلاة، وذلك يكون بالتأني في أدائها وإعطاء كل ركن حقه وزيادة عدد التسبيحات في الركوع والسجود والدعاء عند السجود بتركيز في الرجاء في الله تعالى بإجابته.
عند تذكر ما تنسى من أمورالدنيا أثناء الصلاة يجب عدم الالتفات إليها لان الله تعالى اقدر على تذكيرنا إذا دعونا بذلك بعد الصلاة.
ولتذكر عدد الركعات يمكن عند نهاية كل ركعة تحريك إحدى الأصابع حركه خفيفة لتذكر أنها الركعة الأولى مثلا ثم تحريك الأصبع التالية في الركعة التالية وهكذا.
ولا حرج من تكرار ما سبق أكثر من مره والاستمرار فيدفع الشيطان فلذلك أجره وهذه من الجهاد الذي سماه الصحابة الجهاد الأكبر، ويجب عدم اليأس والاستسلام للهزيمة بترك الصلاة والانقطاع عنها بحجه أنها تحملنا ذنوبا بدلا من الحسنات فهي حيله أخرى من حيل الشيطان لتحقيق هدفه بإبعادنا عن الصلاة فمن لا تقبل صلاته لا يقبل عمله فما بالنا بمن لا يصلى أصلا ؟ ويسرى عناأن بعض كبار الصحابة كانوا ينشغلون في بعض الأحيان بأمور الدنيا وكان عليه الصلاة والسلام يقول (إذا شك أحدكم في الصلاة فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا فليقم فليصل ركعة، قال يزيد حتى يكون الشك في الزيادة ثم فليسجد سجدتي السهو فإن كان صلى خمسا شفعتا له صلاته وإن كان صلى أربعا فهما يرغمان الشيطان)- مسند أحمد، باقي مسند المكثرين. أي سجدتي السهو ولايسجدهما من انشغل بخواطر وأفكار أثناء الصلاة وإنما هي فقط لمن نسى احد الأركان كالركوع أو التشهد أو عدد الركعات وعليه أن يحسب على أساس العدد الأقل فمثلا إذاشك هل صلى ركعتين أم ثلاثة يعتبرهن اثنين فقط ويكمل صلاته حتى يتمها ثم يسجد قبل التسليم سجدتين ويقول سبحان الذي لا يضل ولا يسهو وان كان صلى أكثر من عدد الركعات الأصلي وهو على يقين بذلك فليسجد بعد التسليم من الصلاة سجدتين .
وأخيرا ومما يجبر السرحان في الصلاة ختم الصلاة، وهى من تمام الصلاة كما علمناالرسول الكريم صلى لله عليه وسلم وهى تشتمل على:
* لاستغفار ثلاث مرات (أستغفر الله)
* اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام
*اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد
* اللهم اعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
* آية الكرسي
* قل هو الله احد
* قل أعوذ برب الفلق
* قل أعوذ برب الناس
* التسبيح لقوله صلى الله عليه وسلم (من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة وهلل مائة تهليلة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)- سنن النسائي، السهو.
وكما ورد في مسند الأمام أحمد، في مسند الأنصار رضي الله عنهم أن (حدثنا عثمان بن عمر أن هشام عن محمد عن كثير بن أفلح عن زيد بن ثابت قال أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فأتي رجل في المنام من الأنصار فقيل له أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا في دبر كل صلاة كذا وكذا قال الأنصاري في منامه نعم قال فاجعلوها خمسا وعشرين خمسا وعشرين واجعلوا فيها التهليل فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فافعلوا).
وورد أيضا في صحيح البخاري، باب الدعوات (حدثني إسحاق أخبرنا يزيد أخبرنا ورقاء عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قالوا يارسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم قال كيف ذاك قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال قال أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله تسبحون في دبر كل صلاة عشرا وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا).